معنى الادب

نفهم من كلمة الأدَبِ اليومَ الكلامَ البليغَ الذي يُقصد به إلى التأثيرِ في النفوس، شعرًا كان أم نثرًا.
ولقد اتخذت الكلمةُ على مرّ العصور معانيَ متعدّدة متقاربة حتى أخذت المعنى المعروفَ اليوم.
كان العرب في الجاهلية يقولون: أدُبَ بمعنى صنع مأدُبة أو دعا إليها. والمأدبةُ هي الطعامُ الذي يُدعَى إليه الناس. وفي العصر الإسلامي استُعمِلتَ بمعنى مكارم الأخلاق. وورد في الحديث النبوي: «أدبني ربّي فأحسنَ تأديبي». وفي العصر الأموي اتخذت طابعًا تعليميًا، فكان المؤدِّبُ يعلّم الشعرَ والخطبَ وأخبار العرب وأنسابَهم. وفي العصر العبّاسي أصبحت كلمة الأدب تعني التهذيبَ والتعليم، فألـّـفَ ابنُ المقفع رسالتي الأدب الصغير والأدب الكبير وتتضمنان حِكَمًا ونصائحَ خُلـُقية.
كما أصبحت تعني معرفةَ أشعار العرب وأخبارهم ، وأُلفت كتب في هذه المعارف سميت كتبُ الأدب، مثل البيان والتبيين للجاحظ المتوفى سنة 255هـ ، وكتاب الكامل في اللغة والأدب للمبرد المتوفى سنة 285هـ ، وكتاب عيون الأخبار لابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ ، والعقد الفريد لابن عبد ربه المتوفى سنة 328هـ ، وزهر الآداب للحصري المتوفى سنة 453هـ .
وأصبحت كذلك تَعني في الوقت نفسه كلَّ المعارف غير الدينية العلمية منها والاجتماعية. يقول الحسن بن سهل المتوفى سنة 236هـ : «الآداب عشرة، فثلاثة شهرجانية، وثلاثة أنوشروانية، وثلاثة عربية، وواحدة أرَبتْ عليهنّ. فاما الشهرجانية فضربُ العود ولعبُ الشطرنج ولعب الصَّوالج، وأما الأنوشروانية فالطب والهندسة والفروسية، وأما العربية فالشعر والنسب وأيام الناس. وأما الواحدةُ التي أربَت عليهنّ فُمقَطَّعاتُ الحديث والسَـمَر ومايتلقاه الناس بينهم في المجالس»([6]) وهذا النصّ يوضّح من جانب آخر مدى تأثير الثقافة الإيرانية في تطوير كلمة الأدب وتوسيع معناها.
وأخذت كلمةُ الأدب تدل في العصر الحديث على معنيين:
الأول: عام يشمل كلَّ مايُكتَب في اللغة من العلوم والآداب.
والثاني: خاص وهو الكلام المعبّر عن معنى، والمتصف بالجمال والتأثير، ويشمل الشعرَ وفنونَ النثر الأدبية، مثل الخطابة والأمثال والقصص والروايات والمسرحيات والمقامات.
والواقع أن كلمةَ الأدب فيها كثير من الغموض، والاختلافُ في تفسير معناها وتحديد مدلولها كثير. فهناك من الكتب العلمية في التاريخ والتفسير وحقائق الكون مدوّنة بطريقة جميلة مؤثرة . فهل هي كتب أدب؟
يوضح سيد قطب معنى العمل الأدبي بقوله:
«العمل الأدبي: التعبير عن تجربة شعورية في صورة موحية.
فكلمة (تعبير) تصور لنا طبيعةَ العمل ونوعه، و(تجربة شعورية) تبين لنا مادته وموضوعه، و(صورة موحية) تحدّد لنا شروطه وغاياته.
فالتجربة الشعورية هي العنصر الذي يدفع إلى التعبير، ولكنها بذاتها ليست العمل الأدبي، لأنها مادامت مضمرة في النفس ولم تظهر في صورة لفظية معينة، فهي إحساس أو انفعال، لايتحقق به وجود العمل الأدبي.
والتعبير في اللغة يشمل كل صورة لفظية ذات دلالة. ولكنه لايصبح عملاً أدبيًا إلاّ حين يتناول تجربةً شعورية معينة.
على أن الموضوع لايحدد طبيعةَ العمل، ولكنّ طريقةَ الانفعال بالموضوع هي التي تحدده. فمجرد وصف حقيقة طبيعية مثلا وصفًا علميًا بحتًا، ليس عملاً أدبيًا مهما تكن صيغة التعبير فصيحة مستكملة لشروط التعبير، أما التعبير عن الانفعال الوجداني بهذه الحقيقة فهو عمل أدبي لأنه تصوير لتجربة شعورية.
ولكن التعبير يجب أن يكون في صورة موحية مؤثرة في نفوس الآخرين، وهذا شرط العمل الأدبي وغايته، وبه يتمّ وجوده ويستحقّ صفته.
التاريخ - على سبيل المثال - لايدخل دائرة الأدب إذا كان وصفًا مجردًا لحوادث ميّتة، ولكنه يصبح عملاً أدبيًا إذا انفعل المؤرخ بالحوادث، وصوّرها حيةً ممزوجة بالأحياء الذين اشتركوا فيها، كما لو كان يكتب قصة كائن حيّ، لاقصة حادثة»([7]).
سيد قطب يضع للعمل الأدبي ـ إذن ـ ثلاثة شروط: التجربة الشعورية (كأن ينفعل الإنسان شعوريًا حين يرى منظر طفل فلسطيني مشرّد)، والتعبير (وهو بيان هذا الانفعال في صورة لفظية ذات معنى) وأن يكون بصورة موحية (أي مؤثرة في نفوس الآخرين).
والتداخل بين العلم والأدب يتناوله أيضًا الدكتور طه ندا، ويحاول أن يفرّق بينهما بأسلوب بسيط جميل ننقل مقتطفات منه([8]).
«.. كل العلوم تضيف جديدًا إلى القارئ كالفلسفة، والتاريخ، والفلك، والكيمياء.. الخ. فهذه العلوم تضيف بلا شك إلى علم القارئ حقائق جديدةً. وهذه الحقائق التي تتضمنها هذه العلوم تعتبر في ميدان الدراسة الأدبية من قبيل المواد الخام التي يحتاجها البناءُ كي يقوم ويرتفع، ولكنها ليست هدفًا ولا غاية. فهي مادة تُستخدم وليست غاية تُقصد. والأديب لا يعمل في فراغ، وهو محتاج إلى مواد تدخل في صناعته وعمله، وهذه المواد هي حقائق العلم في جميع مجالاته، ولكنها في النهاية تؤدي به إلى غاية أخرى بعيدة عنها.
وهذه الغاية البعيدة التي ينتهي اليها أمر كل عمل أدبي هي التأثير.
خذ مثلاً الأحجار والرمالَ والحديدَ، فكلّها من المواد التي تدخل في صناعة المباني، وكل المهندسين يستخدمونها ولا يستغني أحد عنها في عمله وصناعته، ولكن منهم من يخلط هذه المواد ويصوغ منها في النهاية مسكنًا قد تمرّ به كلّ يوم في طريقك إلى عملك وفي عودتك من عملك، ومع ذلك لا تراه ولا تلتفت إليه. والسبب في هذا الإهمال والإعراض الذي يلقاه مثل هذا العمل الهندسي أنه لا يحمل إلى المارّة في الطريق أيَّ تأثير. فهو خِلوٌ من التأثير في المادة. وهم لهذا لا يحسّون وجودَه، وإن كان بالقطع مما يقع تحت أبصارهم كلّ يوم. وقد يحتاج الأمر إلى تذكيرك به، أو صفه لك، وتحديد موقعه في الشارع حتى تُعمل ذاكرتك، ثم تقول: أظنني رأيت هذا الشيء.. وهناك من المباني والعمائر ما يبهرك حين تراه بروعة تصميمه وجمال مظهره وحسن وفائه بالأغراض التي بُني من أجلها. وأنت حين تنظر إلى مثل هذا البناء لا ترى فيه الأحجار، ولا الرمال، ولا الحديد. ولكن تستمتع بالجمال وتشعر بالتأثير.
ولو أنّ مثل هذا البناء الرائع الجميل المؤثر اتخذ مادته من الألفاظ واللغة بدلَ الأحجار والرمال لكان أدبًا. فالأدب قوالبه ألفاظ اللغة. ووسيلته الاستعانة بالجمال وغايته التأثير في القارئ».
من هذا النصّ التعليمي المبسّط نفهم أن الفرق بين العلم والأدب، هو في الهدف والغاية. هدف العلم إضافة معلومات وهدف الأدب التأثير.

شكرا لكن ﻻ باس بقراءته اولا لما رايته قلت مستحيل قراءته ثم عندما بدات في قراءته لم استطع التوقف هههه
اضفت له بعض العبارات

اه

مشاء اله الله اكبر

ههه ثانكس

لشكراا على واجب ياختي

ههههههههههه