بسم الله الرحمن الرحيم
هل الشعر موهبة أم وراثة أم أنه يكتسب بالتعلم ؟
سؤال يحتاج إلى إجابة وهو يجول في خاطر الكثير منا وقد تضاربت الأراء حول هذا وكلها تصب في غالب واحد تنتهي في نهاية الأمر إلى إيضاح الحقيقة والتسليم بها من خلال وجود الحقائق والبراهين . وما دفعني للحديث في هذا الموضوع هو أحد الأعضاء الذين لهم دور مميز في منتديات أملج وهو العضو ( زرياب ) وقد حملني البحث في هذا الموضوع على الرغم من أنني لست أهل لذلك مقارنة بالأعضاء الآخرين في هذا المنتدى ولكن أتمنى أن أكون قد وفقت في جمع بعض المعلومات والحقائق الموثقة ببعض الأراء التي تدعم هذا الموضوع . ولا أريد أن أسهب في هذه المقدمة حتي لا يكون حديثنا حشو ليس له أي معنى . إن ما أريد أن أعرضه في هذا الموضوع هو أن أسرد لكم بعض الأراء التي جمعتها وهي غيض من فيض ولكن اخترت لكم أفضلها وأشملها والتي تخدم هذا الموضوع .
في الحقيقة الحديث في هذا الموضوع منتهي لدى الكثير منا وذلك لأن الغالبية يعلم أن الشعر هو موهبة من الله . هذا كلام بدائي معروف ولكن ما الدليل على ذلك هذا هو السؤال . إنه من الوهلة الأولى التي عرض علي هذا السؤال من العضو( زرياب ) تبادل في ذهني وجرى على لساني هذا الجواب ولكن ما جعلني أتوقف ولا أتسرع في الرد هو عدم إحاطتي بالحقائق والبراهين اللازمة . لذلك آثرت السكوت لعلي أصل إلا ما أريد .
وفعلاً توصلت إلا بعض الأراء لكثير من الشعراء والأدباء سوف أعرضها لكم وأسمحوا لي أن أقدم لكم رأي الدكتور عبدة إبراهيم دكتور في النقد والأدب قي جامعة طيبة فهو يقول :
1. إن الشعر موهبة وليس وراثة ولو كان وراثة لكان جميع الناس شعراء . وأن الشعر يتفاوت بين الشعراء حسب ماورد في كتاب ابن سلام وتعرف جودته من خلال الضروب الأربعة التي ذكرها في كتابه . ملاحظة : ( لقد ذكرت الضروب الأربعة في موضوع ( أحقية الشاعرية لجميع الشعراء ) .
2. ويقول الشاعر / أحمد الديهان :
*** هناك من يقول ان الشعر وراثه لكن نجد شعراء كتبوا الشعر ولم يكن احد من اقاربه شاعر , وهناك شعراء ابائهم شعراء , وهناك اباء
شعراء و ابنائهم لا يكتبون الشعر ..!!
فـ من وجهة نظري المتواضعه ان الشعر موهبه من رب العالمين سبحانه ..
3 - في مجلة شعبيات :
أما مسألة وراثة الشعر ، فالشعر موهبة ، فقد ذُكر عن طرفة بن العبد البكري أنه قال في صغره :
يا لك من قبرة بمعمر
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
وامرؤ القيس لم يعرف أوزان الخليل بن أحمد وتفعيلاتها لكنه شاعر بالفطرة ،،
لأن الشِعركالشَعر في القلب.
4- ويقول أحد الشعراء بالعامي النبطي :
الزين تراك ماتعرف دروبه**********لكن هذا خلق ربي لا تلومه
والشعر فن ما هو بلك لعوبه*********ما رقاه إلا إللي رقت به علومه
5- ويقول الشاعر : إبراهيم الوافي .
مما لاشك فيه ان الخليل بن احمد الفراهيدي.. شخصية عبقرية فريدة في تاريخ القصيدة العربية.. من خلال نظرية العروض الشهيرة التي جاء بها في اواخر القرن الهجري الثاني.. فقد رسم ببراعة فائقة (النوتة) الموسيقية للقصيدة العربية على اختلاف ايقاعاتها المعروفة.. والموروثة آنذاك.. وهو قفزة عبقرية فذة في مجال التعامل مع الصوت قياساً بتلك الحقبة الزمنية.. لكن السؤال الجدير بالطرح هنا.. ما هو الدافع وراء وجود هذه النظرية.. طالما جاءت تطبيقاً على ما هو موجود..؟
هل الهدف من وجود هذه النظرية.. هو تعلم الشعر؟ وهل الشعر لا يكون الا بدراسة هذه النظرية واتقانها؟
الحقيقة، المنطق يخالف ذلك بدليل انتشار الشعر وشيوعه بل وتغلغله في نفس العربي.. قبل نظرية العروض الخليلية الشهيرة هذه.. وفي المقابل يبدو الدافع من وجودها هو العبقرية التربوية التي سيطرت على ذهن الخليل بن احمد حين تكشف له وبوضوح ان الشعر خاصة وعاء التاريخ والعلوم والثقافة العربية.. وهذا تحديداً هو ما يفسر لنا تجاهل الخليل لبحر المتدارك الذي جاء به بعده تلميذه الاخفش.. ولم يكن سهواً من الخليل بقدر ما كان عدم شيوع هذا البحر الشعري هو من اهم مسوغات تجاهله.. ذلك انه لا يخدم نظريته التربوية التي اشرت اليها..
مثل هذه الفكرة تفتح لنا آفاقاً من التأمل والملاحظة.. بل وتفتح ابواباً من التأويلات الحلمية.. لعل اهمها.. هو ماذا لو ان عقلية عبقرية كالخليل.. طرقت باب الشعر بنظرية فنية لا تربوية..؟
ان ما قدمه الخليل بن احمد للشعر.. كقيمة (وعائية) يفوق كثيراًما قدمه من الناحية الفنية.. ولعل السقوط الشنيع للشعر في عصر الدول المتتابعة شاهد حي على الاحتفال بالصنعة التي سعى اليها الخليل دون قصد.. وهي ذاتها المفسر الوحيد للغياب شبه الكلي للقصيدة التقليدية ذات الآفاق الشعرية.. في ذلك العهد حيث أن ذلك العهد سمي بعهد صناعة الشعر وأن ذلك الشعر لم يلقى ذلك النجاح والصيط وإنما كان مثل الوعاء الفارغ .
6- رأي لأحد الشعراء :
الشعر موهبه حاله كـ حال الكثير من المواهب ! والموهبه كـ " الطبع لا يورّث " !
ولكن الشئ الأكيد إنها عامل مساعد لـ صقل الموهبه ورافد حقيقي مهمّ لها مع العلم إنها تصنع شعراء وحدها فقط ولكن شعراء يتقنون الوزن والقافيه ليس إلاّ !
وسوف أختم حديثي في هذا الموضوع بعد كل ما ذكر من آراء تفسر حقيقة الشعر من أنه موهبة أم وراثة أم أنه يؤتى بالتعلم .
حيث ورد دليل قاطع في االقرآن الكريم يؤكد كل هذه الآراء التي وردت وهو قول الله تعالى تنزيهاً لنبيه (وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) . فهذا دليل قاطع على أن الشعر موهبة من الله تعالى يهبها لمن يشاء من عباده إنه القادر عليه . ولكن الموهبة قد تنضب إذا لم تنمى بالممارسة والإطلاع وزيادة المعرفة .
والشاعر ليس بالضرورة أن يكون دارسا للغة بل عليه فهم أساسيات اللغة والوزن فقط وليس كل من درس الأدب أصبح شاعرا وإلا لكان جميع الأدباء شعراء . :-/