نزول الوحي على الرسول إنّ نزول الوحي الأوّل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان في غار حراء، حيث كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- معتكفاً فيه مرّة فدخل عليه فجأة جبريل -عليه السّلام- بهيئة رجل لا يعرفه ولم يره من قبل، ولم يكن ذلك شيئاً مخيفاً إلى حدٍّ كبير إلّا إنّ ما أخاف الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- هو الطريقة التي عامله بها، فقد قال جبريل -عليه السّلام- لرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- مباشرةً عند دخوله عليه (اقرأ)، حيث كان الرّسول أميّاً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولا يعرف ماذا يريد منه هذا الرجل فأجابه: (ما أنا بقارئ)، فقام جبريل -عليه السّلام- بالاقتراب من الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- واحتضانه بشدّة حتى بلغ به الجهد والتعب، ثمّ تركه وأعاد القول له: (اقرأ)، فأجاب رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- مرّةً أخرى: (ما أنا بقارئ)، فاحتضنه جبريل -عليه السّلام- مرّةً ثانية بشدّة حتى بلغ التعب من الرسول ثمّ تركه وأعاد الأمر عليه مرّةً ثالثة فقال له: (اقرأ)، فأجاب الرّسول مجدّداً: (ما أنا بقارئ)، فاحتضنه جبريل -عليه السّلام- مرّةً أخيرة بشدّة كبيرة حتى تعب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ تركه وقرأ عليه أوّل آيات نزلت من القرآن الكريم وهي قول الله عزّ وجلّ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَم*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).[٦][٧] ذهب بعدها جبريل -عليه السّلام- واختفى من أمام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فعاد إلى بيته خائفاً مذعوراً لا يدري ما الذي حصل معه، ولمّا وصل إلى بيته وجد خديجة -رضي الله عنها- فأخبرها بما حصل معه، فطمأنته وأخبرته بأنّ الله -تعالى- لن يضيعه، ثمّ أخذته إلى ابن عمٍ لها يُقال له: ورقة بن نوفل الذي كان على الديانة النصرانية، فلمّا أخبره الرّسول -عليه السّلام- بما جرى معه قال له ورقة أنّ ذلك كان جبريل عليه السّلام، ممّا يدل على أنّك يا محمّد رسول لله عزّ وجلّ، وانقطع الوحي بعد ذلك أياماً اختلف العلماء في عددها إلّا أنّها غالباً من ثلاثة إلى أربعين يوماً، ثمّ جاء الوحي مرّة أخرى مُعلناً في هذه المرة أنّ محمّداً هو رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فعلاً، ووصف ذلك رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في الحديث قائلاً: (بَيْنَما أنَا أمْشي، سمعتُ صوتاً من السماءِ، فرفعْتُ بصرِي قِبَلَ السماءِ، فإذَا المَلَكُ الذي جاءَني بِحِراءَ، قاعدٌ على كرسيٍّ بينَ السماءِ والأرضِ، فجَئِثْتُ منهُ، حتى هَوَيْتُ إلى الأرضِ، فجِئْتُ أهلِي فقلْتُ: زمِّلونِي زمِّلونِي، فَزَمَّلونِي، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِرْ، إلى قولهِ: فَاهْجُرْ).[٨][٧]